تركيا الحالية لم يكن لها وجود كدولة قبل الإسلام ولا في عصوره الأولى، حتى حدثت القصة الشهيرة بانتقال قبيلة «قابي» المنتمية إلى قبائل «الغز» ذات الأصل التركي من بلادها، وذلك في أوائل القرن السابع الهجري الموافق للثلث الأول من القرن الثالث عشر الميلادي؛ خوفًا من اكتساح التتار؛ حيث وجدوا معركة بين جيش السلاجقة المسلمين بقيادة السلطان علاء الدين الأول، وبين جيش الروم، فانضموا لإخوانهم المسلمين، وتحقَّق النصر لهم بفضل الله عز وجل، فكافأهم السلطان السلجوقي بإقطاعهم أرضًا في ذلك المكان، وجعل كبيرهم (أرطغرل) أميرًا على هذه الإمارة الناشئة [1].
ولما مات أرطغرل عام (687هـ=1288م) خلفه في حكم الإمارة ابنه عثمان بن أرطغرل الذي تُنسب إليه الدولة العثمانية، فكانت نشأة الدولة العثمانية مرتبطةً بالإسلام والجهاد في سبيل الله وقائمةً عليهما، ثم دارت الأيام، واتسعت تلك الإمارة حتى صارت دولة تقوم على أساس الإسلام، وتحمَّلت هذه الدولة عبء نشر الإسلام في أوربا، والدفاع عن المسلمين ضد الغزو الصليبي، وقامت بفتوحات كبيرة وعظيمة توَّجها السلطان محمد الفاتح بفتح القسطنطينية[2].
الخلافة العثمانية في مواجهة المخططات الصليبية
ثمَّ تحوَّلت الدولة إلى خلافة تسعى إلى توحيد العالم الإسلامي تحت راية واحدة، وتحت منهج واحد هو الإسلام، وقد كان للخلافة العثمانية دور مهمٌّ للغاية في نشر الإسلام في أوربا، كما قدَّمت خدمات جليلة للعرب والمسلمين، يأتي في مقدمتها حماية الشرق العربي والإسلامي من الغزو الاستعماري لمدَّة ثلاثة قرون كاملة؛ حيث تصدَّت للمخطَّطات الصليبية البرتغالية منذ القرن العاشر الهجري الموافق لأوائل القرن السادس عشر الميلادي، ومنعت تغلغله إلى الحجاز لتنفيذ مخطط صليبي بالغ القسوة والوحشية، كان يهدف إلى الزحف على مكة المكرمة واقتحام المسجد الحرام وهدم الكعبة المشرَّفة، ثم موالاة الزحف منها إلى المدينة المنورة لنبش قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم استئناف الزحف الآثم إلى بيت المقدس والاستيلاء على المسجد الأقصى، وبذلك تقع المساجد الثلاثة الكبرى في الإسلام تحت سيطرة البرتغاليين [3].
كذلك حافظت الخلافة العثمانية على إسلام وعروبة سكان الشمال الإفريقي من أخطار الغزو الصليبي الاستعماري الأوربي بقيادة البرتغال وإسبانيا بهدف إنشاء ممالك نصرانية تتناثر على الساحل الشمالي الإفريقي؛ حتى يصير البحر المتوسط في المدى البعيد بحيرة نصرانية أوربية، ويعقب ذلك تغلغل صليبي أوربي إلى الداخل الإفريقي، وقد تصدَّت دولة الخلافة العثمانية لهذه المخططات وحوَّلتها إلى أحلام؛ حيث بسطت الدولة العثمانية سيطرتها على ثلاثة أقاليم في الشمال الإفريقي، وهي الجزائر وتونس وطرابلس، بعدما استنجد أهالي هذه البلاد بالدولة العثمانية كأكبر وأقوى دولة إسلامية لإنقاذهم من الزحف الاستعماري الأوربي [4].
الدولة العثمانية ووحدة الأمة
وقد أوجدت دولة الخلافة العثمانية وحدة بين الولايات العربية التي دخلت في سيادتها، فاحتفظت كلٌّ منها بمقوماتها الأساسية؛ مثل: الدين الإسلامي، واللغة العربية، والثقافة العربية الإسلامية، والعادات والتقاليد الموروثة عبر العصور، ولم تلجأ الدولة العثمانية إلى إقامة حدود مغلقة أو حواجز مصطنعة فيما بين الولايات العربية؛ فكانت حرية الانتقال والسفر مكفولة أمامهم في جميع الأوقات، وكذلك فرص العمل، وكان في مقدور المواطن الذي يسكن في دمشق على سبيل المثال أن ينتقل إلى بغداد أو القاهرة أو القيروان أو غيرها من كبرى المدن العربية، ويعيش فيها، ويمارس النشاط الاقتصادي دون أن يتطلب ذلك الحصول على إذن بالخروج أو الدخول أو الإقامة، مما نعاني منه في واقعنا المعاصر [5]..
بذلك أعادت دولة الخلافة العثمانية للعالم العربي والإسلامي وحدته، بعدما تفتَّت بسقوط الدولة العباسية في منتصف القرن الثالث عشر الميلادي عقب الاجتياح المغولي، وسقوط وتخريب مدينة بغداد حاضرة الخلافة؛ ولذلك يُقِرُّ عدد غير قليل من المؤرِّخين بأن الوحدة العربية والإسلامية التي تمت على أيدي العثمانيين تُعتبر نقطة البداية في تاريخ العرب الحديث [6].
العثمانيون واليهود
كما لا يمكننا الحديث عن مآثر الخلافة العثمانية دون أن نذكر موقفها من محاولات اليهود المتكرِّرة لاستيطان فلسطين؛ فعندما فتح السلطان سليم الأول [7] مصر في عام (922هـ=1517م) أصدر على الفور فرمانًا بمنع اليهود من الهجرة إلى سيناء، ولمَّا تولَّى ابنه سليمان القانوني [8] عرش الدولة في عام (926هـ=0م) أكَّد استمرار العمل بفرمان والده؛ مما يدلُّ على يقظة الدولة العثمانية وتنبُّهِهَا المبكِّر للطموح اليهودي في الاستيلاء على هذه المنطقة [9].
وفي الوقت نفسه شعر الأوربيون بالخطر التركي «العثماني» على أوربا في المرحلة التي تلت الحروب الصليبية، حين وصلت الطلائع التركية إلى شبه جزيرة البلقان، فكانت الحروب العثمانية في أوربا، وكانت أوربا -الخارجة مهزومة ومنهكة من حروبها في الشرق الإسلامي- عاجزة عن وقف التمدد العثماني الإسلامي، الذي وصل حتى مدينة فيينا في عام 1683م [10].
من هنا صارت تلك الخلافة الإسلامية العثمانية هدفًا لأعداء الإسلام من الصليبيين واليهود، الذين أخذوا يتآمرون عليها، ويكيلون لها الضربات، في الوقت الذي كان هناك العديد من الأخطاء التي تفشَّت في جسد الخلافة العثمانية، وتسبَّب ذلك في تضعضع بنيانها
ولما مات أرطغرل عام (687هـ=1288م) خلفه في حكم الإمارة ابنه عثمان بن أرطغرل الذي تُنسب إليه الدولة العثمانية، فكانت نشأة الدولة العثمانية مرتبطةً بالإسلام والجهاد في سبيل الله وقائمةً عليهما، ثم دارت الأيام، واتسعت تلك الإمارة حتى صارت دولة تقوم على أساس الإسلام، وتحمَّلت هذه الدولة عبء نشر الإسلام في أوربا، والدفاع عن المسلمين ضد الغزو الصليبي، وقامت بفتوحات كبيرة وعظيمة توَّجها السلطان محمد الفاتح بفتح القسطنطينية[2].
الخلافة العثمانية في مواجهة المخططات الصليبية
ثمَّ تحوَّلت الدولة إلى خلافة تسعى إلى توحيد العالم الإسلامي تحت راية واحدة، وتحت منهج واحد هو الإسلام، وقد كان للخلافة العثمانية دور مهمٌّ للغاية في نشر الإسلام في أوربا، كما قدَّمت خدمات جليلة للعرب والمسلمين، يأتي في مقدمتها حماية الشرق العربي والإسلامي من الغزو الاستعماري لمدَّة ثلاثة قرون كاملة؛ حيث تصدَّت للمخطَّطات الصليبية البرتغالية منذ القرن العاشر الهجري الموافق لأوائل القرن السادس عشر الميلادي، ومنعت تغلغله إلى الحجاز لتنفيذ مخطط صليبي بالغ القسوة والوحشية، كان يهدف إلى الزحف على مكة المكرمة واقتحام المسجد الحرام وهدم الكعبة المشرَّفة، ثم موالاة الزحف منها إلى المدينة المنورة لنبش قبر الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم استئناف الزحف الآثم إلى بيت المقدس والاستيلاء على المسجد الأقصى، وبذلك تقع المساجد الثلاثة الكبرى في الإسلام تحت سيطرة البرتغاليين [3].
كذلك حافظت الخلافة العثمانية على إسلام وعروبة سكان الشمال الإفريقي من أخطار الغزو الصليبي الاستعماري الأوربي بقيادة البرتغال وإسبانيا بهدف إنشاء ممالك نصرانية تتناثر على الساحل الشمالي الإفريقي؛ حتى يصير البحر المتوسط في المدى البعيد بحيرة نصرانية أوربية، ويعقب ذلك تغلغل صليبي أوربي إلى الداخل الإفريقي، وقد تصدَّت دولة الخلافة العثمانية لهذه المخططات وحوَّلتها إلى أحلام؛ حيث بسطت الدولة العثمانية سيطرتها على ثلاثة أقاليم في الشمال الإفريقي، وهي الجزائر وتونس وطرابلس، بعدما استنجد أهالي هذه البلاد بالدولة العثمانية كأكبر وأقوى دولة إسلامية لإنقاذهم من الزحف الاستعماري الأوربي [4].
الدولة العثمانية ووحدة الأمة
وقد أوجدت دولة الخلافة العثمانية وحدة بين الولايات العربية التي دخلت في سيادتها، فاحتفظت كلٌّ منها بمقوماتها الأساسية؛ مثل: الدين الإسلامي، واللغة العربية، والثقافة العربية الإسلامية، والعادات والتقاليد الموروثة عبر العصور، ولم تلجأ الدولة العثمانية إلى إقامة حدود مغلقة أو حواجز مصطنعة فيما بين الولايات العربية؛ فكانت حرية الانتقال والسفر مكفولة أمامهم في جميع الأوقات، وكذلك فرص العمل، وكان في مقدور المواطن الذي يسكن في دمشق على سبيل المثال أن ينتقل إلى بغداد أو القاهرة أو القيروان أو غيرها من كبرى المدن العربية، ويعيش فيها، ويمارس النشاط الاقتصادي دون أن يتطلب ذلك الحصول على إذن بالخروج أو الدخول أو الإقامة، مما نعاني منه في واقعنا المعاصر [5]..
بذلك أعادت دولة الخلافة العثمانية للعالم العربي والإسلامي وحدته، بعدما تفتَّت بسقوط الدولة العباسية في منتصف القرن الثالث عشر الميلادي عقب الاجتياح المغولي، وسقوط وتخريب مدينة بغداد حاضرة الخلافة؛ ولذلك يُقِرُّ عدد غير قليل من المؤرِّخين بأن الوحدة العربية والإسلامية التي تمت على أيدي العثمانيين تُعتبر نقطة البداية في تاريخ العرب الحديث [6].
العثمانيون واليهود
كما لا يمكننا الحديث عن مآثر الخلافة العثمانية دون أن نذكر موقفها من محاولات اليهود المتكرِّرة لاستيطان فلسطين؛ فعندما فتح السلطان سليم الأول [7] مصر في عام (922هـ=1517م) أصدر على الفور فرمانًا بمنع اليهود من الهجرة إلى سيناء، ولمَّا تولَّى ابنه سليمان القانوني [8] عرش الدولة في عام (926هـ=0م) أكَّد استمرار العمل بفرمان والده؛ مما يدلُّ على يقظة الدولة العثمانية وتنبُّهِهَا المبكِّر للطموح اليهودي في الاستيلاء على هذه المنطقة [9].
وفي الوقت نفسه شعر الأوربيون بالخطر التركي «العثماني» على أوربا في المرحلة التي تلت الحروب الصليبية، حين وصلت الطلائع التركية إلى شبه جزيرة البلقان، فكانت الحروب العثمانية في أوربا، وكانت أوربا -الخارجة مهزومة ومنهكة من حروبها في الشرق الإسلامي- عاجزة عن وقف التمدد العثماني الإسلامي، الذي وصل حتى مدينة فيينا في عام 1683م [10].
من هنا صارت تلك الخلافة الإسلامية العثمانية هدفًا لأعداء الإسلام من الصليبيين واليهود، الذين أخذوا يتآمرون عليها، ويكيلون لها الضربات، في الوقت الذي كان هناك العديد من الأخطاء التي تفشَّت في جسد الخلافة العثمانية، وتسبَّب ذلك في تضعضع بنيانها