من رواية : عشب الليل. (1)

  Bài viết hay nhất1
1
في فرارها الأول ذهبت للاحتماء ببنيان الحرم.
باتت ليلتها الأولى في دار القرابين، وأطعمتها العرافة مآكل النذور التي يجود بها الواويون على الضريح بسخاء يفوق إنفاقهم على أنفسهم وعلى ذويهم. وفي صباح اليوم التالي أقبل أحد أقيان الجدّ وحاول أن يقنعها بالعودة. جالسها في الركن طويلاً، وحادثها همساً، وظل يتقرفص في الزاوية ، ويهمهم بكلام مبهم حتى بعد أن انسحبت الفتاة وتكرته في عتمة البنيان وحيداً.
وجع القنّ فجاءت الأم.
جاءت مع حلول العتمة، تشد حول وجهها لحافا شديد السواد. ترتدي ثوباً شديد السواد أيضاً، فلا يبدو من وجهها الخاسيّ سوى مقلتين حزينتين.
ولكن سيماء الحسن القديم، الصارم، تجلت في القامة، والمشية، واستواء القدّ. عبرت إلى دار الكاهنة، وجالستها على انفراد أمدا، ثم خرجت لتختلي بالفتاة عند موقد النار. في ضياء اللهب تبدّى في عينيها، إلى جانب الحزن، وجع عميق.
حاورتها الليل كله، حاورتها بصوت مكتوم جلّ الوقت، ولكن الانفعال غليبها مرارا، فأفلت الصوت، وجاهرت بالعبارة المسموعة كثيراً.
في غلس الفجر تسللت عائدة. وراءها بمسافة ، سارت الفتاة.
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى